كان حمدي طفلا وديعا محبوبا عند الجميع مطيعا يحترم معلميه كثيرا ما يلح على أبيه في حاجته لأخت أو أخ يؤنسان وحدته وغالبا ما يكون رد حليم ان الأمر يتعلق بجميلة أما هو فلا مانع لديه
مرت الأيام هانئة دافئة استأنست فيها جميلة بدور الزوجة والأم فأبدعت وأخلصت وظل حليم زوجا طيبا وأبا حنونا يخصص جل وقته للعب مع ابنه وكأنهما رفيقان من نفس العمر
في يوم صيف حار وبينما كان حمدي يمتطي ظهر أبيه شعر هذا الأخير بألم فظيع يشق أضلاعه ويمزق أحشائه حاول أن يكبح جماح الألم لكنه انقهر وسقط مغشيا عليه هرولت اليه جميلة محاولة انعاشه دون جدوى فهاتفت الاسعاف التي نقلته الى المشفى حيث تلقى حليم علاجه وحيث تلقت جميلة صفعة عمرها عندما أفصح لها الطبيب بأن الاغماء كان ناتجا عن أزمة قلبية حادة نجا منها بقدرة الله سبحانه وتعالى
لزم حليم المشفى شهرا كاملا استرجع خلاله شيئا من بريق عينيه ونضارة وجهه لكنه عندما عاد الى البيت لم يعد حليم النشيط الحركي بل عاد رجلا شاخ قبل الأوان وكأن الشهر أضاف لعمره عشرين سنة كل ملذات الحياة أصبحت محضورة عليه فاضطر للتقاعد قبل الأوان فكانت له ضربة قاضية حولته الى كهل ذابل مع كل يوم تخمد شعلة ابتسامته قيده الضعف والهون ونهش الهزال جسده الرقيق فأصبح أقرب الى هيكل عظمي
أصبحت جميلة لا تفارقه تعتني به اكثر من اعتنائها بحمدي لم تتعب لم تشتك بل دائما يراها في أبهى حلة مبتسمة راضية بحكم الله وقدره
توالت الشهور وانقضت السنة الأولى بطيئة حزينة واستقبلت جميلة سنة اخرى وهي كلها امل والم وهي ترى حبيبها فريسة للعلة تنهشه دون رحمة وتغزو جسده المهترء بتنوع الأمراض من ضغط دموي وسكري والائحة طويلة
كان المسكين يحاول دائما تقمص دور القوي المثابر يلبس أمام حبيبته قناع الصبر والتحدي حتى لا يقهرها بضعفه
في عيد ميلاد زواجهما السابع استيقظت جميلة وهي تدب بالنشاط وجنتاها متوردتان كزهرة الاقحوان اعتذرت عن العمل واصطحبت حمدي عند امها وفي نيتها قضاء اليوم بطوله منفردة بنصفها الثاني تسترجع معه ذكريات حبهما
عادت بسرعة الى المنزل دخلت الى المطبخ بهدوء حتى لا تقلق راحة حبيبها بخفة هيأت له الفطور وحملته اليه وهي تخفي هديتها وضعت الطعام جانبا وجلست على حافة السرير وقبلته على جبينه كما اعتادت لكنه لم يفتح عينيه فمررت أناملها بين خصلات شعره الكثيف لكنه لم يستجب نادته "حليم ,حليم" أخذت كفه بين يديها وشدت عليه بقوة وهي تصرخ:"حليم حليم حليم"
أسرعت الى الهاتف وهاتفت الطبيب الذي لبى ندائها على وجه السرعة دخل الطبيب الغرفة وكأنه يقتحمها ومثلما دخل مسرعا غادرها مسرعا وهو ينعيها زوجها
مات حليم جملة تثاقلت شفتي جميلة على ترديدها :"ليس اليوم يا عمري ليس اليوم..."
انقضى عمر حليم وانقضت قصة حبه لجميلة كان كحلم جميل في حياتها سرعان ما استيقظت منه بسرعة لكنه ظل محفورا في قلبها عاشت على ذكراه وفية لعهده عاشت الماضي في الحاضر فكان حمدي هو النافذة التي ترى من خلالها ماضيها
مرت الأيام هانئة دافئة استأنست فيها جميلة بدور الزوجة والأم فأبدعت وأخلصت وظل حليم زوجا طيبا وأبا حنونا يخصص جل وقته للعب مع ابنه وكأنهما رفيقان من نفس العمر
في يوم صيف حار وبينما كان حمدي يمتطي ظهر أبيه شعر هذا الأخير بألم فظيع يشق أضلاعه ويمزق أحشائه حاول أن يكبح جماح الألم لكنه انقهر وسقط مغشيا عليه هرولت اليه جميلة محاولة انعاشه دون جدوى فهاتفت الاسعاف التي نقلته الى المشفى حيث تلقى حليم علاجه وحيث تلقت جميلة صفعة عمرها عندما أفصح لها الطبيب بأن الاغماء كان ناتجا عن أزمة قلبية حادة نجا منها بقدرة الله سبحانه وتعالى
لزم حليم المشفى شهرا كاملا استرجع خلاله شيئا من بريق عينيه ونضارة وجهه لكنه عندما عاد الى البيت لم يعد حليم النشيط الحركي بل عاد رجلا شاخ قبل الأوان وكأن الشهر أضاف لعمره عشرين سنة كل ملذات الحياة أصبحت محضورة عليه فاضطر للتقاعد قبل الأوان فكانت له ضربة قاضية حولته الى كهل ذابل مع كل يوم تخمد شعلة ابتسامته قيده الضعف والهون ونهش الهزال جسده الرقيق فأصبح أقرب الى هيكل عظمي
أصبحت جميلة لا تفارقه تعتني به اكثر من اعتنائها بحمدي لم تتعب لم تشتك بل دائما يراها في أبهى حلة مبتسمة راضية بحكم الله وقدره
توالت الشهور وانقضت السنة الأولى بطيئة حزينة واستقبلت جميلة سنة اخرى وهي كلها امل والم وهي ترى حبيبها فريسة للعلة تنهشه دون رحمة وتغزو جسده المهترء بتنوع الأمراض من ضغط دموي وسكري والائحة طويلة
كان المسكين يحاول دائما تقمص دور القوي المثابر يلبس أمام حبيبته قناع الصبر والتحدي حتى لا يقهرها بضعفه
في عيد ميلاد زواجهما السابع استيقظت جميلة وهي تدب بالنشاط وجنتاها متوردتان كزهرة الاقحوان اعتذرت عن العمل واصطحبت حمدي عند امها وفي نيتها قضاء اليوم بطوله منفردة بنصفها الثاني تسترجع معه ذكريات حبهما
عادت بسرعة الى المنزل دخلت الى المطبخ بهدوء حتى لا تقلق راحة حبيبها بخفة هيأت له الفطور وحملته اليه وهي تخفي هديتها وضعت الطعام جانبا وجلست على حافة السرير وقبلته على جبينه كما اعتادت لكنه لم يفتح عينيه فمررت أناملها بين خصلات شعره الكثيف لكنه لم يستجب نادته "حليم ,حليم" أخذت كفه بين يديها وشدت عليه بقوة وهي تصرخ:"حليم حليم حليم"
أسرعت الى الهاتف وهاتفت الطبيب الذي لبى ندائها على وجه السرعة دخل الطبيب الغرفة وكأنه يقتحمها ومثلما دخل مسرعا غادرها مسرعا وهو ينعيها زوجها
مات حليم جملة تثاقلت شفتي جميلة على ترديدها :"ليس اليوم يا عمري ليس اليوم..."
انقضى عمر حليم وانقضت قصة حبه لجميلة كان كحلم جميل في حياتها سرعان ما استيقظت منه بسرعة لكنه ظل محفورا في قلبها عاشت على ذكراه وفية لعهده عاشت الماضي في الحاضر فكان حمدي هو النافذة التي ترى من خلالها ماضيها