بعد أن أنهت نوال مكالمتها أحست براحة نفسية عميقة ساعدتها على قضاء ليلة خالية من الكوابيس وفي صباح اليوم التالي استيقظت وهي تدندن بأحلى بيتين تغنت بهما كوكب الشرق :صالحت بك أيامي...سامحت بيك الزمن
هيأت نوال حقيبة سفر صغير وألقت نظرة أخيرة على شقتها قبل أن تحكم اغلاق بابها
لم تكتفي نوال بالقاء التحية على بواب العمارة بل تبادلت معه الحديث لتخبره بأنها ستغيب لبضعة أيام وترجوه أن يحتفظ ببريدها الى حين عودتها
غادرت البناية وهي تحس بحيوية لم تعهدها من قبل أخفت يدها اليمنى داخل جيب معطفها المفتوح وأحكمت قبضة يدها اليسرى على حقيبتها وتابعت سيرها غير أهبة بالريح التي تراقص خصلات شعرها المتناثرة على أكتافها وبعد أن هامت وسط الشوارع المزدحمة قرابة الساعة توقفت أمام منزل كبير دوبابين خشبيين أدخلت نوال كمية من الهواء وكأنها تستعد لشيئ جلل قرعت الجرس وماهي الا ثوان حتى فتحت احدى أبواب المنزل فأطل رأس أختها وهي تسأل : ـ من الطارق؟
فألقت نوال بجسدها داخل المنزل وهي تضم أختها بين ذراعيها وكأنها تراها بعد طول غياب
وقفت برهة تتأمل فناء المنزل الذي غادرته منذ عقد من الزمن لم تجب عن تساؤلات شقيقتها لانها لم تسمعها فقد كانت هائمة وسط ذكريات الطفولة الذي ينبض بها كل ركن من أركان هذا الفناء الواسع لكن أختها لم تمنح لها فرصة الأختلاء بنفسها بل جذبتها من ذراعها وهي تسنكر تجاهل نوال لها
عادت نوال الى أرض الواقع وضمت أختها مرة أخرى بين ذراعيها وهي تصرخ بفرح: ـ أهلا بعودتي بينكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق