شعار المدونة

شعار المدونة
شعار القمة الشماء

03‏/03‏/2010

حليم الاخيرة






كان حمدي طفلا وديعا محبوبا عند الجميع مطيعا يحترم معلميه كثيرا ما يلح على أبيه في حاجته لأخت أو أخ يؤنسان وحدته وغالبا ما يكون رد حليم ان الأمر يتعلق بجميلة أما هو فلا مانع لديه
مرت الأيام هانئة دافئة استأنست فيها جميلة بدور الزوجة والأم فأبدعت وأخلصت وظل حليم زوجا طيبا وأبا حنونا يخصص جل وقته للعب مع ابنه وكأنهما رفيقان من نفس العمر
في يوم صيف حار وبينما كان حمدي يمتطي ظهر أبيه شعر هذا الأخير بألم فظيع يشق أضلاعه ويمزق أحشائه حاول أن يكبح جماح الألم لكنه انقهر وسقط مغشيا عليه هرولت اليه جميلة محاولة انعاشه دون جدوى فهاتفت الاسعاف التي نقلته الى المشفى حيث تلقى حليم علاجه وحيث تلقت جميلة صفعة عمرها عندما أفصح لها الطبيب بأن الاغماء كان ناتجا عن أزمة قلبية حادة نجا منها بقدرة الله سبحانه وتعالى
لزم حليم المشفى شهرا كاملا استرجع خلاله شيئا من بريق عينيه ونضارة وجهه لكنه عندما عاد الى البيت لم يعد حليم النشيط الحركي بل عاد رجلا شاخ قبل الأوان وكأن الشهر أضاف لعمره عشرين سنة كل ملذات الحياة أصبحت محضورة عليه فاضطر للتقاعد قبل الأوان فكانت له ضربة قاضية حولته الى كهل ذابل مع كل يوم تخمد شعلة ابتسامته قيده الضعف والهون ونهش الهزال جسده الرقيق فأصبح أقرب الى هيكل عظمي
أصبحت جميلة لا تفارقه تعتني به اكثر من اعتنائها بحمدي لم تتعب لم تشتك بل دائما يراها في أبهى حلة مبتسمة راضية بحكم الله وقدره
توالت الشهور وانقضت السنة الأولى بطيئة حزينة واستقبلت جميلة سنة اخرى وهي كلها امل والم وهي ترى حبيبها فريسة للعلة تنهشه دون رحمة وتغزو جسده المهترء بتنوع الأمراض من ضغط دموي وسكري والائحة طويلة
كان المسكين يحاول دائما تقمص دور القوي المثابر يلبس أمام حبيبته قناع الصبر والتحدي حتى لا يقهرها بضعفه
في عيد ميلاد زواجهما السابع استيقظت جميلة وهي تدب بالنشاط وجنتاها متوردتان كزهرة الاقحوان اعتذرت عن العمل واصطحبت حمدي عند امها وفي نيتها قضاء اليوم بطوله منفردة بنصفها الثاني تسترجع معه ذكريات حبهما
عادت بسرعة الى المنزل دخلت الى المطبخ بهدوء حتى لا تقلق راحة حبيبها بخفة هيأت له الفطور وحملته اليه وهي تخفي هديتها وضعت الطعام جانبا وجلست على حافة السرير وقبلته على جبينه كما اعتادت لكنه لم يفتح عينيه فمررت أناملها بين خصلات شعره الكثيف لكنه لم يستجب نادته "حليم ,حليم" أخذت كفه بين يديها وشدت عليه بقوة وهي تصرخ:"حليم حليم حليم"
أسرعت الى الهاتف وهاتفت الطبيب الذي لبى ندائها على وجه السرعة دخل الطبيب الغرفة وكأنه يقتحمها ومثلما دخل مسرعا غادرها مسرعا وهو ينعيها زوجها
مات حليم جملة تثاقلت شفتي جميلة على ترديدها :"ليس اليوم يا عمري ليس اليوم..."
انقضى عمر حليم وانقضت قصة حبه لجميلة كان كحلم جميل في حياتها سرعان ما استيقظت منه بسرعة لكنه ظل محفورا في قلبها عاشت على ذكراه وفية لعهده عاشت الماضي في الحاضر فكان حمدي هو النافذة التي ترى من خلالها ماضيها




هناك تعليق واحد:

8 يقول...

يا لحظها.. على الأقل عاشت حلمها 7 سنين..
عرفت الحب وعاشته سعادة..
7 سنين وأنجبت منه طفلا..

أبكتني القصة أمام الناس.. لم أستطع إخفاء دموعي.. فيا رب رحمة بعبدك أتوسل إليك..

أنا أتمنى أن أعيش تلك اللحظات ساعة واحدة فقط..